الـبـلاغـة : تـأريـخ الـبـلاغـة الـعـربـيـة


يمكن تصنيف التطورات التي حدثتْ لعلمِ البلاغةِ إلى أربعةِ مراحل :

v   النشأة: نشأت البلاغة في بادئ أمرها لخدمة القرآن القرآن الكريم، وفي هامش أنواع العلوم، أي أنها لم تكن علمًا مستقلًا. فتجدها تارة في هوامش كتب العلوم القرآنية (من أمثلة هذه الكتب معاني القرآن للفراء، وتلخيص البيان في مجازات القرآن للشريف الرضي)، ويذكر العلوي في الطراز :"البلاغة علم يمكن معه الوقوف على معرفة أحوال الإعجاز"، وفي الكتب اللغوية (مثل: الأصمعي والفراء الذين كانت لهم آراءً بلاغية في كتبهم اللغوية) والأدبية (مثل: البيان والتبيين للجاحظ، والموازنة بين أبي تمام والبحتري)  تارة أخرى.

ويعد بعض مؤرخي البلاغة العربية كتابَ (مجاز القرآن) لأبي عبيدة معمر بن المثنى أولَ كتابٍ في البلاغة العربية مع أنه كان في القرآن.

واتسمت هذه المرحلة بسماتٍ منها : عدم التبويب وشيوع الاستطراد، والمصطلحات غير الدقيقة، وامتزاج القضايا البلاغية بقضايا العلوم الأخرى ؛ لأنها –كما ذكرنا سابقا بأن البلاغة لم تكن علما مستقلا-، وعدم تمايز العلوم البلاغية الثلاث (فالبلاغة ثلاثة: البيان، والمعاني، والبديع) .

v   التكامل المشترك: في هذه المرحلة أصبح نصيب البلاغة في الكتب متكافأً مع غيرها من العلوم، بل وأحيانا تطغى عليها. هذا ما ستجده في كتاب (النكت في إعجاز القرآن) لأبي الحسن . يقول شوقي ضيف في كتابه (البلاغة تطور وتاريخ) : "إنّ الرماني –أي أبا الحسن- أضاف في حديثه عن البلاغة إضافات جديدة إلى مَن سبقوه، فحدد بعض فنونها تحديدًا نهائيًا، ورسم لها أقسامها رسمًا دقيقًا."

v   مرحلة الاستقرار : وتعد هذه المرحلة هي المرحلة المثلى في البلاغة العربية، حيث أصبحت البلاغة فيها علما مستقلا، واتضحت أصوله ومباحثه، وأصبحت لها مؤلفاتها المستقلة. ويعد كتاب ( البديع ) لعبدالله  بن المعتز أول كتاب في البلاغة حيث يرى شوقي ضيف في كتابه (البلاغة تطور وتاريخ) أن "ابن المعتز أوّل مَن صنف في البديع ورسم فنونه وكشف عن أجناسها وحدودها بالدلالات البيِّنة والشواهد الناطقة، بحيث أصبح إمامًا لكل مَن صنفوا في البديع بعده، ونبراسًا يهديهم الطريق".  أما النضج الحقيقي لعلم البلاغة كان عند عبد القاهر الجرجاني في كتابيه ( دلائل الإعجاز و أسرار البلاغة).

v   مرحلة الجمود: هذه المرحلة بدأت مع السكاكي في كتابه (مفتاح العلوم) ، يقول شوقي ضيف عن كتاب السكاكي: " وشهرته إنما دوت بالقسم الثالث من الكتاب الخاص بعلمي المعاني والبيان ولواحقهما من الفصاحة والبلاغة والمحسنات البديعية اللفظية والمعنوية، فقد أعطى لهذا كله الصيغة النهائية التي عكف عليها العلماء من بعده، يتدارسونها ويشرحونها مرارا، إذ استطاع أن ينفذ من خلال الكتابات البلاغية قبله إلى عمل ملخص دقيق لما نثره أصحابها من آراء وما استطاع أن يضيفه إليها من أفكار." وبسبب دمج السكاكي للبلاغة مع المنطق والفلسفة أصبح كتابه يحتاج للشرح، فتوالت الشروح، فقد شرحه قطب الدين الشيرازي والتفتازاني وغيرهم، "وكل شارح يضيف من أصباغ المنطق والفلسفة وعلم الكلام ما تمده به ثقافته. وكان ذلك إيذانا بتحجر البلاغة وجمودها جمودا شديدا، إذ ترسبت في قواعد وقوالب جافة، وغدا من العسير أن تعود إليها حيويتها ونضرتها القديمة."

----------
جُمعت المعلومات من : 
- دفتر محاضرات مقرر البلاغة . 
- كتاب البلاغة تطور وتاريخ لشوقي ضيف.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الـنـحـو: مـقـدمـة فـي عـلـم الـنـحـو

الـبـلاغـة : الفـرق بين الفـصاحـة و البـلاغـة

الـنـحـو : البناء و الإعراب .